أدعياء المنهج (٢)

المحتوي الرئيسي

• أحمد يحيي الشيخ

  27/02/2023 05:20

ذكرنا من قبل حقيقة المنهج الذي يتبناه الأزهر، ويجعله أبناؤه معيارًا لوزن العلماء كافة سلفًا وخلفًا، ولا ندري من أين أتوا بكل هذه الثقة، بأن يكونوا حكمًا على أئمة السنة ممن تُوفي قبل توبة أبي الحسن الأشعري (ت: ٣٢٤ هـ) من اعتزاله، وكان عامة جُهدهم في إبطال بدع الجهمية والمعتزلة، إلا بأن نلاحظ تلاقي مقاصد الأشاعرة مع مقاصد الجهمية والمعتزلة، وإلا فأين آثار الأشاعرة عبر التاريخ في الرد على معطلة الجهمية الذين حذر منهم أئمة السلف، كما يتنفسون ليل نهار بالتحذير من المشبهة -بزعمهم-؟

والأعجب أن تنطلق ألسنة الأشاعرة في مخالفيهم بما انطلقت به ألسنة الجهمية من وصفهم بـ(المشبِّهة، المجسِّمة، النابتة، الحشْوية... إلخ)، وبعد هذا كله يريدون الانتساب إلى من أطلقت فيهم هذه الألقاب بغيًا وعدوانًا!

وقد قال الإمام الكبير أبو حاتم الرازي (ت: ٢٧٧ هـ): "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مُشبهة ونابتة، وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشْوية".

نقله عنه الذهبي في كتاب (العلو للعلي الغفار)، وقال: "أبو حاتم كان أحد الأعلام، ومن كبار أئمة أهل الأثر".

(العلو للعلي الغفار، ط. دار الوطن، ص١١٦٢)

سيأخذك العجب كثيرًا إذا رأيت هذا التناقض؛ فيتبنَّوْن تأويلات الجهمية والمعتزلة، ويقولون بمقالاتهم في مخالفيهم، ثم يريدون الانتساب إلى من قيلت فيهم هذه الألقاب!

لكن ربما يزول العجب إذا علمت أن هؤلاء لم يروا تناقضًا فيما هو أبلغ من ذلك، فالذي لا يرى التناقض في (لا داخل ولا خارج)، ولا في (قدرة بلا أثر)، لا يمكنه أن يرى ما عنده من التناقض، إلا بأن يفتح الله قلبه للهدى واتباع الوحي.