هم قوم من جلدتنا انقلبوا على حقيقة الدين والفهم القويم وأصبحوا معاول هدم للتراث والتاريخ والواقع والمستقبل .
..
ه ... المزيد
القائمة البريدية
حين تشرب النفوس البدعة، وتأتلفها فإن خروجها من تلك البدع شاق وعسير، وليس من السهولة بمكان انقلاعها منه، بل تحتاج لزمن إن وفقها الله لذلك، وإلا فالأصل عدم رجوعها لقوله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج "يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة" وهذا محال في سنن الله أن يعود السهم إلى القوس الذي رماه بتلك الرمية، وهذا استبعاد نبوي شريف، وهدي واضح بين أن هؤلاء القوم أهل شر قلبي وعملي، لا ينفع معهم التساهل والتغافل والغباء، وهذا وإن كان نصاً في الخوارج لكن أمر صعوبة النقاء بعد الفساد، والتوبة من البدعة كلها بسرعة وقبول، ثم السير معهم كما هو شأن السني النقي فيه جهل وعماء وغباء، بل يجب التعامل معهم كما يتعامل مع الآنية التي حرمت لتعامل العرب بها قبل الإسلام في النبيذ وشرب الخمر، فكانت العلة كما قال عيدالقاري: وقيل هذه الظروف كانت مختصة بالخمر فلما حرمت الخمر حرم النبي صلى الله عليه وسلم استعمال هذه الظروف إما لأن في استعمالها تشبيهاً بشرب الخمر، وإما لأن هذه الظروف كان فيها أثر الخمر، فلما أمضت مدة أباح النبي صلى الله عليه وسلم استعمال هذه الظروف، فإن أثر الخمر زال عنها. وأيضاً في ابتداء تحريم شيء يبالغ ويشدد ليتركه الناس مرة فإذا تركه الناس واستقر الأمر يزول التشديد بعد حصول المقصود. انتهى كلام القاري. وهذا فقه العقلاء، وهذا يستأنس له بفقه الصديق رضي الله عنه حين منع المرتدين من حمل السلاح حتى يصلح حالهم، وتنقى قلوبهم وسيرتهم، ولم يأذن لهم طوال حياته حتى توثق منهم عمر الفاروق رضي الله عنه بطول زمن التوبة وعدم العود.
وخوارج اليوم سفكوا الدماء الحرام، وأفسدوا في الأرض، ورأى منهم المجاهدون كبير الشر والإجرام، وسمعوا من كبرائهم فتاوى التكفير والقتل والدم، وصار لاسمهم قبح وقذارة، فمن حق العقل قبل كل شئ، وحق الهدي النبوي وهدي الصحابة عدم تزكية التائب منهم، ومن التصق باسمهم، بل يجب التحذير الشديد من هؤلاء، والتعامل معهم كالتعامل مع الجلالة، تترك في مكان طيب الأكل حتى تنقى، خاصة وقد علم تقية القوم، وقد خبرهم كل عاقل كيف يخونون، وكيف يتسارون بالتقية، فهي دين خوارج اليوم بلا استثناء، يعلمها كل من عاملهم ولو بخطوة، فهم قوم كذبة، زادوا بهذه الخصلة عن خوارج الأمس بعدم الكذب والخيانة.
موضوع الخوارج عند العقلاء والعلماء موضوع خطير، لا يجوز التعامل معه بحسن نية فيهم، ولا بتغافل عن تاريخهم، ولا بنسيان أفعالهم المجرمة، وكذلك بعدم نسيان ما استقر في قلوب المسلمين من علمهم بوساختهم وإجرامهم، فالناس من أهل الجهاد وبقية المسلمين شهدوا قتل إخوانهم، ورجالهم بالباطل، وقتلوا الناس قتل المجرمين بالمئات، أراقوا دماءهم بصلف وقسوة قلب، وتشفي حقير، وقد اعترف الكثير منهم أنهم لم يستوفوا في هذا القتل شروطه الشرعية، فليس من الدين ولا العقل إعادة إظهارهم وتنقيتهم وتجميعهم باسمهم وشكلهم وصفتهم المعروفة، بل الواجب هو التعامل معهم تعامل العقلاء بالنبذ، والستر حتى تصح توبتهم، وتنقى قلوبهم، وتنسى الناس ولو قليلاًمن شرهم، ولا أظنهم ينسون.
ثم هذا الجهاد قائم به رجال من أهل السنة في كل مكان، وله جماعاته الصالحة السنية، ومن حق هؤلاء دون غيرهم التعامل مع ظاهرة التائب منهم ، لا غير، يدخلون فيهم ويرفضون بحسب مصلحة الجهاد، فإن تجمع الخوارج ممن يدعون التوبة تحت اسمهم السابق، وبدينهم الذي يزكيه من احتاج هو لتزكية أصلاً أو من جهل علم الأسماء والأحكام، أو من علم منه تهوين شأن الغلو، أو من هو شارب من الغلو بعض كأسه، فهذا لا يقبله عالم أو تقي، بل يجب منعه ولو بالقوة، ويجب عدم التساهل فيه، وكل تساهل فيه هو فساد وتوطئة للفساد، ولا يمنعكم كبر الأسماء وتاريخها، وهي كفارغ البندق في العلم والدين والخلق من فعل الصواب، فتضيعوا دماء شبابكم، أو تجربوا المجرب فتذوقوا كأس السنن بالفساد ، فالله الله في دينكم وما برأكم الله منه بحفظكم من الدخول في دين الخوارج.
والله لقد كانت فتنة عظيمة، ومن نعم الله على كل صادق مع الله أنه لم يدخل فيها، ولم يزين باطلهم، أو لم يسوغ لهم إجرامهم كما فعل من رأى لهم تأويلاً في تكفير غيرهم من جماعات الجهاد، فوقع في شر وضلال كبير، أو من نظف بعض كبرائهم بأنه سني، وهو بعيد عن ذلك كله، فمن أكرمه الله تعالى بالبراءة من بدعتهم وشرهم وقتلهم المسلمين وتكفيرهم فلا يضيع هذه المكرمة الربانية له بتنشق ما بقي من سفالاتهم، أو بالرضى ببعض ما بقي من قاذوراتهم التي تحتاج لزمن وعمل طويل لخروجهم من ذلك كله.
أقول هذا إبراءً للذمة، فأنا تارك لكثير من المقالات التي لا تفهم على وجهها، لما بين الناس من تخالف وخصام، لكن مثل هذا الأمر لا يسكت عنه، لأنه شر كبير، وفتنة رأينا عظمها لما تعامل الناس معها بتهاون ولو يسير، وخاصة أن بقايا الخوارج يشجعون أنفسهم من الآن وهم قلة بسفك الدماء وعدم التحرز منها، فالدين منع هؤلاء، وتشريدهم حتى لا يكون لهم أي تجمع ولو يسير، ولا يغرنك التصاقهم بفلان أو علان، والحال الوحيدة التي يسكت عنهم فيها عدم تجمعهم، ودخولهم في طوائف السنة، لينظر فيها أمرهم، فهو ما يقبل دون غيره، ولو قال قائل شراً عن هذا الطوائف السنية بما يمنع الجهاد تحت رايتهم فهذا فيه خارجية فاتقوه، وهو من صنفهم يعمل معه ما يوجب طرده والتنفير منه، ومنعه من نشر الشر.
وأخيراً، فأنا عالم بقلة أخلاق القوم وما سيقولونه عني، وقد جربناهم في هذا، وأعلم أن بعض سعار القوم سيدفعه لكلام باطل، وأعلم أن من عنيت لن يكون فيهم عاقل يسمع أو يقبل، ولكني أحمد الله أن جعلني من زمرة الصادين الكاشفين عن دين الخوارج منذ ظهروا، فقد كنت واحداً من هؤلاء، ولن أكل عن ملاحقة شرورهم، حتى لو انقلب الناس كلهم لواديهم، أو رفع رايتهم من حذر منهم بالأمس فصار على معنى (أقرب منهم) دون غيرهم، فهذا دين، والأمر دماء وسعار تكفير، فمن ظهر جهله في باب الأسماء والأحكام فليس له حق القول فيمن هو السني والبدعي، ومن يقبل من الجماعات ومن يرفض، ولا حق التعديل والتجريح.
هذه كلمتي جاهدت نفسي لقولها، لاعتقادي بوجوبها علي، والله الموفق.
هم قوم من جلدتنا انقلبوا على حقيقة الدين والفهم القويم وأصبحوا معاول هدم للتراث والتاريخ والواقع والمستقبل .
..
ه ... المزيد
جميل أن يكون المرء صالح العمل طويل الأجل. لقد اجتمعت له الحسنيان وعاش حياة خصبة مثمرة. وفى الحديث " ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا: نعم، قال: خ ... المزيد
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزل الخيرات، وبتوفيقه تتحقق الغايات، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
إذا كان ركن الطاعة الذراع الأيمن في تكبيل جماعة الإخوان المسلمين، فإن ركن الثقة كان الذراع الأيسر في هذه العملية.
وإذا كان ركن الطاع ... المزيد