توبة خائن !
المحتوي الرئيسي
-
إسلام مصطفى عبد المجيد
23/02/2017 03:01
حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة ، فسألوه الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم في أرض الشام ، فأبى أن يعطيهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ .
فقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة - وكان ناصحا لهم - لأن عياله وماله وولده كانوا عندهم ، فبعثه .
فأتاهم فقالوا : ما ترى يا أبا لبابة ؟ أتنزل على حكم سعد بن معاذ ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه : أنه الذبح فلا تفعلوا !
قال أبو لبابة فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله .
فنزلت الآية : ( يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .
فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي .
فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه .
فقيل له يا أبا لبابة قد تاب الله عليك ، فقال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو الذي يحلني .
فجاءه فحله بيده ثم قال أبو لبابة : أن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : ( يجزئك الثلث أن تصدق به ) .
- لم يره أحد وهو يحرك يده بأنه الذبح ، وكان يمكن أن تظل فعلته مستورة ، ولكنه أراد ان يتوب الله عليه .
- لم يصرح لهم بالقول بما ينوي النبي فعله ، ومع ذلك اعتبر فعلته خيانة للأمانة .
- قلبه حي ! فما زالت قدمه من موضعها حتى علم أنه خان ، فأراد التوبة في وقتها ووفقه الله لها .
- لم يبرر لنفسه ولا لغيره فعلته .
- صدق الله تعالى واعترف بذنبه فصارت توبته تُضرب بها الأمثال .
- عاقب نفسه ، وكم من خائن لا يريد حتى أن يلومه أحد !
- لم يمنعه خوف الفضيحة من أن يربط نفسه بسارية يراه كل من دخل المسجد ويعلم ذنبه الذي أذنب ، وكان يمكن أن يجعله سرا بينه وبين رسول الله ، ولكن استعظم الذنب فهان عليه نظر الناس له .